تحليل ومناقشة نص جون لوك الهوية والشعور محور الشخص و الهوية الثانية باك

المستوى: الثانية باكالوريا 
المسلك : جميع المسالك و الشعب
المجزوءة : الوضع البشري
المفهوم : مفهوم الشخص
المحور : الشخص و الهوية
تحليل نص جون لوك الهوية و الشعور


إشكال النص

ما الشخص؟ وكيف يمكن تعريفه؟ ما الذي يكون الهوية الشخصية ويجعل الشخص يبقى دائما هو هو؟ هل ما يكون الهوية الشخصية هو الفكر بما هو فكر مجرد أم الفكر بما هو شعور؟
تـأطير النص:
يندرج هذا النص ضمن مجزوءة الوضع البشري ويتناول مفهوم الشخص كموضوع له، حيث يقف صاحبه جون لوك على إشكال أساسي متعلق  بالشخص والهوية، ويمكن القول كذلك أن هذا النص يعكس منظور الفلسفة التجريبية عند لوك حول مفهوم الشخص، تلك الفلسفة التي ترى أن العقل يبقى فارغا وعبارة عن صفحة بيضاء في غياب التجربة.

صاحب النص

جون لوك هو فيلسوف تجريبي ومفكر سياسي إنجليزي، ولد في عام 1632في إقليم سوميرسيت، تعلم في مدرسة وستمنسر، ثم في جامعة أوكسفورد، ولقد لعب دورا كبير في الأحداث السياسية التي عرفتها إنجلترا ما بين سنة 1660 و1680م، كما أن علاقة لوك باللورد آشلي لعبت دورا كبيرا في نظرياته السياسية الليبيرالية، ولقد كان اللورد آشلي يتمتع بنفوذ كبير في إنجلترا إذ كان يمثل المعالم السياسية لرؤوس الأموال التجارية في لندن، وتحت تأثير اللورد آشلي كتب لوك في عام 1667 مقالا خاصا بالتسامح راجع فيه أفكاره القديمة الخاصة بإمكانية تنظيم الدولة لكل شؤون الكنيسة.

البنية المفاهيمية

الهـوية: مفهوم منطقي يدل على الوحدة والثبات كما أنه مفهوم فلسفي ويفيد كل ما يتعلق بماهية الشخص  وطبيعته أي جوهره، وصاحب النص لوك يحددها في الشعور والذاكرة.

الشخص: عند جون لوك الشخص يعرف بكونه كائنا مفكرا عاقلا قادرا على التعقل والتأمل، وعلى الرجوع إلى ذاته باعتبار أنها مطابقة لنفسها، وأنها هي نفس الشيء الذي يفكر في أزمنة وأمكنة مختلفة.

الـذات: مفهوم فلسفي يرتبط بالأنا الواعي والمفكر، ويدل على الشخص أو الوعي بالذات.

الشعور:  هو ذاك الجانب من العمليات العقلية التي تتم عن طريق الادراكات الحسية. 

 الجوهر:  ( ضد العرض)، جوهر الشيء يعني ما هو ثابت فيه لا يتغير  رغم تغير الأجزاء والعوارض، وهو نفسه المعنى عندما يتعلق الأمر بالشخص أي ما هو ثابت في الشخص لا يتغير.

الحواس هي مصدر كل الأفكار الموجودة في العقل، أو كما قال جون لوك: "العقل صفحة بيضاء، والتجربة هي التي تمده بالمعارف والأفكار".

الأفكار الأساسية

الشخص كائن مفكر قادر على التعقل والتأمل.
إن ذات الشخص مطابقة لنفسها وهي نفس الشيء الذي يفكر في أزمته وأمكنة مختلفة.
الشعور هو ماهية الشخص، وهذا الشعور لا يقبل الانفصال عن الفكر.
إن الذات المفكرة تدرك الأفعال التي صدرت عنها في الماضي والحاضر.

الاطروحة

ما يحدد هوية الشخص، ويجعله مطابقا لذاته ويحس أنه نفسه في مختلف الأزمة والأمكنة، هو الوعي المصاحب دوما لأفعاله. فاقتران الشعور بالفكر على نحو دائم هو ما يكسب الشخص هويته ويجعله يبقى دائما هو هو، باعتباره كائنا عاقلا يتذكر أفعاله وأفكاره التي صدرت عنه في الماضي وهو نفسه الذي يدركها في الحاضر.

الحجاج

للدفاع عن موقفه وظف جون لوك مجموعة من الأساليب الحجاجية ومن بينها:

الشرط: " لابد أن نتبين ...". حيث اشترط لوك أن الاهتداء إلى ما يكون الهوية الشخصية لن يتحقق إلا بتبيان ما تحمله كلمة الشخص من معنى. وهو يؤكد هنا أن تعريف الهوية الشخصية لابد أن ينطلق أولا من تحديد معنى دلالة مفهوم الشخص.

التعريف: " فالشخص فيما أعتقد". عرف لوك الشخص بكونه كائن مفكر وعاقل قادرا على التعقل والتأمل، وعلى الرجوع إلى ذاته باعتبار أنها مطابقة لنفسها، وأنها هي نفس الشيء الذي يفكر في أزمنة وأمكنة مختلفة.

التأكيد والنفي: " هذا الشعور لا يبقل الانفصال عن الفكر بل هو فيما يبدو لي ضروري وأساسي تماما بالنسبة للفكر". ووظيفة هذا النفي هو رفض التصور الفلسفي العقلاني الذي يرى بأن الفكر هو ادراك عقلي خالص في حين أن لوك يأكد على أهمية الشعور في تشكيل الفكر.

الشرح والتوضيح: "عندما نعرف ... فإننا نعرف ...". وهو شرح وظف من أجله لوك أمثلة من حقل الخبرات الحسية كالشم والتذوق..، وذلك من أجل توضيح وإثبات أطروحته القائلة بأن الفكر مرتبط بالشعور، وأننا نعرف ذلك (الشم، التذوق…) في حال حدوثه لنا بفضل الشعور. كما أكد لوك، من خلال هذا الشرح عن الدور الأساسي للشعور في تشكيل الهوية الشخصية، و"أن الشعور يمتد بعيدا ليصل إلى الأفعال والأفكار الماضية." فهو هنا يؤكد على أهمية الذاكرة التي تربط بين ماضي الشخص وحاضره.

تحليل الأطروحة

 يرى جون لوك أن الشخص كائن مفكر قادر على التعقل والتأمل وأن ذات الشخص مطابقة لنفسها وهي نفس الشيء الذي يفكر في أزمته وأمكنة مختلفة. وهذا التفكير لا يتم بمعزل عن الشعور، بل إنه لا يقبل الانفصال عن الفكر إنه وحده ما يكون ماهية الشخص ويحدد هويته، والشخص ككائن مفكر لا يستمر إلا من خلال هذا الادراك الدائم للأفعال التي صدرت عنه في الماضي وتلازمه في الحاضر وبها يكون في وحدة وهوية مع نفسه.

مواقف الفلاسفة

موقف ديكارت

يرى ديكارت أن العقل هو أساس هوية الشخص انطلاقا من الكوجيطو " أنا أفكر إذن أنا موجود " ، أدرك ديكارت أن الذات جوهرها الفكر، والعقل كنور فطري مزود بمجموعة من الأفكار والمبادئ، هو الذي يجعل الشخص يعي ذاته ويثبت وجوده ويبلغ الحقائق، فمتى توقفت الأنا عن التفكير توقفت عن الوجود وبالتالي هوية الشخص تتوقف أساسا على الممارسة الفكرية بكل أبعادها، وهو ما يعبر عنه ديكارت بقوله " أي شيء أنا ؟ أنا شيء مفكر" .

موقف جون لوك

یعطي تعریفا للشخص باعتباره ذلك الكائن المفكر والعاقل، القادر على التعقل والتأمل حيثما كان وأينمى كان ومھما تغیرت الظروف، وذلك عن طریق الشعور الذي یكون لدیه عن أفعاله الخاصة وبشكل مستمر دون حدوث أي تغیر في جوھر الذات، فاقتران الشعور بالفكر على نحو دائم ھو ما يكسب الشخص ھویته ویجعله یبقى دائما ھو ھو، باعتباره كائنا عاقلا يتذكر أفعاله وأفكاره التي صدرت عنه في الماضي وھو نفسه الذي يدركھا في الحاضر.

موقف شوبنهاور

لا تتأسس الهوية الشخصية على مادة الجسم أو صورته لأنهما عرضان قابلان لتحول والتغير و التجدد بينما الهوية الشخصية تبقى ثابتة قارة مطابقة لذاتها . كما أن الهوية الشخصية لا تتوقف على الذاكرة و الشعور لأنهما لا يكفيان لتفسيرها ... وإنما تتوقف على الإرادة المتسمة بالتطابق والثبات فالإرادة هي نواة وجود الإنسان والركيزة الرئيسية التي تنبني عليها الهوية الشخصية فخلف كل ذات عارفة هناك ذات مريدة.

قيمة النص:


أن للنص قيمة فلسفية كبرى، فهو يعكس منظور الفلسفة التجريبية التي تؤكد على دور الخبرات وتجارب الحياة في تكوين وعي الشخص وتشكيل هويته، وهي فلسفة تنطلق أساسا من رفض كل تصور عقلاني محض يرى أن العقل وحده هو مصدر المعرفة وأدات التفكير، لأنه في رأي رواد هذه المدرسة ولوك هو أحد أقطابها أن العقل صفحة بيضاء وبالتالي لا وجود لأفكار سوى ما تمدنا به التجربة عن طريق الخبرات والادراكات الحسية.
المقالة التالية المقالة السابقة
لا توجد تعليقات
اضـف تعليق
comment url